فك ربط الريال بالدولار.. طرح عاطفي والانخفاض لن يكون أبدياً
محمد عبدالله السويد
كثر الحديث عن السياسة النقدية للريال بالتزامن مع انخفاض الدولار وانتقادها بشكل لحظي وعفوي وعاطفي، وكأن انخفاض الدولار سوف يكون دائماً أو أبدياً.
أؤمن بأن سياسية تثبيت الريال السعودي بالدولار الأمريكي بشكل مطلق غير جيدة وتحتاج في بعض الأوقات إلى مزيد من المرونة، ولكن مع ذلك أعتقد بأن هناك تناسقاً معيناً بين السياسة النقدية السعودية والأمريكية بشكل تكاملي. فمع انخفاض قيمة الريال على إثر انخفاض الدولار تأثر الميزان التجاري السعودي بشكل سلبي ولكن ارتفاع سعر البترول إلى أكثر من 50دولار أدى إلى تخفيض الأثر السلبي على الميزان التجاري السعودي، في حين أنه من المتوقع أن يسبب ارتفاع سعر البترول إلى زيادة معدل التضخم للاقتصاد الأمريكي ولكن هذا لن يشكل فرقا لأن مؤشر مكتب أبحاث السلع CRB في أمريكا(سنتطرق له لاحقا) قد وصل إلى مستويات عالية جدا بغض النظر عن ارتفاع البترول ذاته.
وبالنظر للاقتصاد السعودي فلا أعتقد بأن انخفاض قيمة الريال ستكون ذات أثر عظيم على الاقتصاد بشكل عام (على الأقل خلال السنة الحالية) فمؤشر تكلفة المعيشة السعودي CLI-16 لم يزدد إلا 0.5% منذ بداية السنة الحالية حتى شهر سبتمبر، فارتفاع أسعار البترول خارجيا لم يؤثر على تكلفة استهلاكه داخليا وكمية كبيرة من المنتجات الاستهلاكية أو الأساسية تصنع محليا أو تستورد من مناطق الدولار الجغرافية، أما بالنسبة لمبيعات السيارات فإن مستوردي السيارات الرئيسيين يستخدمون سياسات مالية حمائية ضد تذبذب أسعار العملات FX Hedging وذلك باستخدام عقود الخيارات Options المتوفرة عن طريق المصارف المحلية أو العالمية.
سياسة ربط الريال بالدولار ناتجة عن ربط سعر البترول بالدولار، فكما نعلم أن تسعير النفط بالدولار يعتبر في صالح الدولار الأمريكي بشكل كبير حيث يتطلب من الدول التي تحتاج للنفط أن تقوم بدعم احتياطياتها من الدولار الأمريكي، ومع ازدياد سعر البترول حاليا فإنها ستحتاج للحصول على دولارات إضافية يقوم بطبعها البنك الفدرالي بشكل مستمر (مما يوفر للاقتصاد الأمريكي قرضاً مجانياً بدون فوائد) وكون العراق حاليا حليفاً إضافياً للولايات المتحدة (ولأهميته كمصدر للنفط) يمكننا القول بأن فكرة تسعير النفط باليورو ستتأخر إلى أجل غير مسمى. لهذا فارتفاع أسعار النفط في النهاية ستكون مفيدة للاقتصاد الأمريكي.
قبل عدة أسابيع رفع البنك الفدرالي معدل سعر الفائدة إلى 2%(المدى القصير) ومازال يشير البنك الفدرالي إلى زيادته مستقبلا مما يعتبر مؤشرا إيجابيا للدولار على المدى القريب، فمن المتوقع أن يستعيد الدولار مكاسبه خلال الربع الأول من السنة القادمة مع الاستمرار في زيادة سعر الفائدة، ولكن خلال الفترة الحالية من المتوقع أن يستمر في انحداره، يمكننا ملاحظته لاحقاً انشاء الله بشكل واضح على أمام اليورو عندما يصل للمستوى 1.35دولار.
في البداية نستعرض مؤشر الدولار الأمريكي US Dollar Index، فقد بدأت خسائره منذ بداية سنة 2002م حيث نزل من مستوى 120.5نقطة حتى أقفل الأسبوع الماضي على 83.26نقطة، قام خلالها بتشكيل قمم وقيعان هابطة على عدة مستويات، ومع بداية إعلان رفع الفائدة بدأت هذه القمم والقيعان بالتضاؤل كمؤشر على قرب تحول الاتجاه من تنازلي إلى تصاعدي، حيث من المتوقع أن يشكل قاعاً على مستويات الـ 76نقطة حيث يبدأ بعدها التحسن في قيمة الدولار.
هذا الانعكاس المتوقع لمؤشر الدولار يدعمه مؤشر مكتب أبحاث السلع CRB Index والذي يبدأ اتجاهه التصاعدي مع نهاية سنة 2001م ومطلع2002م تزامناً مع انخفاض الدولار، بداية من المستوى 182.83نقطة وحتى أقفل الأسبوع الماضي على 288.89نقطة، حيث قام بتشكيل قمم وقيعان صاعدة على عدة مستويات ولكنها بدأت بالتضاؤل تزامنا مع إعلان رفع الفائدة على الدولار، فهذا المؤشر ارتفاعه معناه زيادة في معدل التضخم (معدل التضخم حاليا 1.4%) ويجدر الإشارة إلى أن معظم الاقتصاديين يعتقدون بأن تراوح معدل التضخم مابين 2إلى 2.5% يعتبر مقبولاً.
وبنظرة أخرى اليورو أمام الدولار، نرى أنه اخترق مستوى 1.30دولار وهو مؤشر يمكن أن يستغله المضاربون في سوق العملات لكي يركبوا موجة صعود من الممكن أن تمتد إلى 1.40دولار ، ولكن مع توقع ارتفاع معدل سعر الفائدة على الدولار الأمريكي فإنه من المتوقع أن يكون امتداد هذه الموجة التصاعدية على مشارف 1.35دولار فقط وعندها من المتوقع أن نرى تذبذبا يتفاعل مع سياسة النقد للبنك الفدرالي حيث من المتوقع أن تصل مستويات معدل الفائدة على الدولار إلى 4% خلال منتصف السنة القادمة.دولار الأمريكي فإنه من المتوقع أن يكون امتداد هذه الموجة التصاعدية على مشارف 1.35دولار فقط وعندها من المتوقع أن نرى تذبذبا يتفاعل مع سياسة النقد للبنك الفدرالي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
كن إيجابيا وشارك برأيك لا تقرأ وترحل
تقييمك للمواضيع يساعدنا على معرفة مدى توفقنا فى اختيار المحتوى المناسب لك وتعليقاتك تطلعنا على رأيك وانطباعك واحتياجاتك مما يساعدنا على تلبيتها.
شرف لنا أن تحمل صفحاتنا كلماتك.
تفضل بالتعليق: